مقال لجريدة الوفد يستفز شعور المسيحين جمهورية «شبرا» المسيحية.. لا تفعلوها..!
لحى شبرا عبق ومذاق خاص، يتميز فيه عن كثير من الأحياء العتيقة بقلب القاهرة أو ضواحيها، من عاش فى هذا الحى يتحول الى ما يشبه «الـسمكة» فلا يمكنه التنفس أو العيش بعيدا عنه، نهاره زحاما وكرنفال شعبى لا ينتهى، ولياليه أضواء وحياة حتى الصباح، من لم يعش بهذا الحى، مؤكد انه عايش فيه بعض الذكريات، من خلال أصحاب أو أقارب أو نسب، وأنا واحدة من هؤلاء، عشت أياما حلوة مع صديقات بشبرا، ولا يزال أريجها يعانق أيامى الباقيات، وكنا نطلق حينها على تلك الأيام «ش. ش. ش» أى شقاوة شباب شبرا.
وفى شبرا كثافة سكانية مسيحية غير عادية، مقارنة بكل أحياء مصر، ولا يعرف أحد سر تجمع الإخوة المسيحيين وحبهم لهذا الحى على وجه التحديد، وليس فى ذلك غضاضة، فأرض مصر ملك للجميع، ولا يوجد ما يمنع مسلم أو مسيحى من تفضيل بقعة فى مصر عن أخرى، أو ما يمنع تجمع مسلمين، أو مسيحيين فى حى بعينه، طالما ان عمليات بيع وشراء العقارات أو تأجيرها تتم بصورة قانونية لا غبار حولها، ولا أهداف خفية خلفها، وقد عاش المسيحيون جنبا إلى جنب مع المسلمين بشبرا كنسيج واحد متآلف ومترابط، نسيج يصعب معه تمييز نوع الديانة فى ليالى الأعياد الخاصة بأى من الجانبين لمشاركة الجميع بها.
ولكن مؤخرا، رصد سكان شبرا من المسلمين ظاهرة غريبة على مجتمعنا المصري، ظاهرة بعثت على التساؤل بل الخوف، خاصة فى ظل الفتن الدينية والمشكلات الطائفية التى تشتجر كل حين وآخر لا سيما بعد ثورة يناير، والظاهرة هى دون رتوش أو مزايدة، إقبال المسيحيين على شراء العقارات القديمة من أصحابها المسلمين بأى ثمن وهدمها، وإعادة بنائها كابراج، وبيع أو تأجير كل شقق هذه الأبراج للمسيحيين فقط دون المسلمين.
وتلعب الكنائس فى شبرا «والتى تتواجد بكثافة»، دورا غامضا فى شراء العقارات القديمة من المسلمين بأسعار مرتفعة وأموال لا يعرف أحد مصدر تدفقها، ووقف هذه العقارات على الكنيسة بضعة أشهر، ثم إعادة بيعها لمواطن مسيحى، والذى يتولى بدوره هدمها وبناء برج أو عمارة، وتسكينها أيضا للمسيحيين فقط، فيما بدأ المسلمون فى هجر شبرا تدريجيا وتراجعت أعدادهم لصالح المسيحيين، وأخبرتنى صديقتى أمل، أن شقيقتها الطبيبة والتى تعمل بدولة خليجية، عادت منذ أيام، وجابت شوارع شبرا لشراء شقة، أملا فى الإقامة بجانب والدتها وأشقائها، إلا أن كل أصحاب العمارات الذين تصادف وقابلتهم، كانوا مسيحيين، ولأنها محجبة، اعتذر جميعهم عن وجود شقة خالية لديهم، رغم تعليقهم لافتات «للبيع» ودفعها فضولها لسؤال أحدهم، فقال بصراحة «نحن لا نسكن إلا مسيحيين»، ولأنى لا أقبل كل ما يقال على علاته، سألت أكثر من مصدر، وكذلك أسر أصدقائى فى شبرا، وأكد لى الجميع ما قالته أمل ، بأن شبرا صارت وكأنها «جمهورية مسيحية» فى قلب القاهرة، وهو ما أحذر الاخوة المسيحيين من الاستمرار فى تكريسه لمصلحة مصر ومصلحتهم.
وحتى لا يتقول بعض المتحذلقين، ويتهمنى بسكب الزيت على النيران، وبتضخم الحقائق، أكاشفهم بسبب تحذيرى مما يحدث فى شبرا، هدفى ليس الخوف شخصيا أو إخافة المسلمين من تجمع المسيحيين هناك أو بأى بقعة من أرض مصر، بقدر تحسبى لنتائج هذا التجمع المذموم الذى يعد نوعا من ممارسة المسيحيين لعنصرية دينية بصورة سلبية ستضرهم أكثر مما تنفعهم، فلو «لا قدر الله لنا» اشتعلت فتنة أخرى بفعل فاعل أو لأى سبب آخر، وكان حى شبرا كله او اغلبه مسيحيين، سيكونون هم اكثر المتضررين فى هذا الصراع، إذ سيسهل استهدافهم وتطويقهم والإضرار بمصالحهم، لتتحول شبرا إلى قنبلة هائلة تنفجر فى قلب القاهرة لتهدد أمن مصر كلها، مسلميها ومسيحيها فتتحول إلى لبنان أخرى، وأذكر فى هذا «مع الفارق» رفض الاجانب بهولندا بقوة، أن تخصص لهم الحكومة أحياء بعينها، يقيمون بها بعيدا عن الهولنديين، واعتبر الاجانب ذلك عنصرية فجة ضدهم، وفضلوا الانتشار فى كل الأحياء بصورة طبيعية التماسا للأمان والتعايش السلمى والاندماج الايجابى بالمجتمع، ورفضوا العزلة التى حاولت الحكومة فرضها عليهم تحت ستار «تجمعات الأحياء الأجنبية».
إن ما يحدث فى شبرا الآن من «تنصير» للعقارات، ووقف بعضها على الكنائس، وتهجير طوعى للمسلمين يشكل خطرا كبيرا على مصر، على المسيحيين، وعلى المسلمين، وبمثابة قنبلة موقوتة، يمكن لها ان تنفجر فى أى لحظة، اللهم ما بلغت اللهم فاشهد.