تقارير غربية تزعم: انقراض المسيحيين فى الشرق الأوسط..أعدادهم تراجعت من %20 فى القرن الماضى لـ%5 حاليا..مسيحيو مصر ولبنان يهاجرون..و"داعش" يمارس التطهير الدينى..وتقلص مسيحيى العراق لنحو 260 ألفا
قبل أربع سنوات وتحديدا فى 7 يناير 2011، أى قبيل اندلاع الثورات العربية بأسابيع قليلة، حذر الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى، من «مخطط تطهير دينى شرير» يستهدف الأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط، فى أعقاب الاعتداءات الإرهابية التى استهدفت كنيسة القديسين فى الإسكندرية وكنيسة سيدة النجاة فى العراق، مما أسفر عن مقتل العشرات فى البلدين.
تصريحات ساركوزى لم يتوقف عندها الكثيرون حيث اعتبرها البعض مجرد رد فعل على ما شهدته اثنتان من أقدم المجتمعات المسيحية فى الشرق الأوسط، لكن يبدو أن الرئيس الفرنسى السابق كان يحمل نبوءة مؤلمة ليس للمسيحيين فى المنطقة كمواطنين أصليين، لكن لتلك البقعة من الأرض التى تميزت بأنها مهد الأديان ومجتمع للتعايش والثقافات الدينية والحضارات المتنوعة، مما جعلها جاذبة لسكان العالم أجمع، فالكثير من الإحصاءات والتقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث الغربية، خلال عام 2015 تتحدث عن تضاؤل أعداد المسيحيين فى الشرق الأوسط وفرارهم من المنطقة لأسباب عديدة، لكن بشكل رئيسى بسبب ما يواجهونه من عنف على يد الجماعات الإرهابية التى تمددت فى أعقاب سقوط الأنظمة العربية الحاكمة، وبحسب تقارير مراكز الأبحاث الأمريكية فإن أعداد مسيحيى المنطقة تراجعت من %20 فى القرن الماضى إلى %5 فى الوقت الراهن، ومازال التراجع مستمرا.
ويؤكد مركز «التقدم الأمريكى» أن أجزاء كبيرة من المجتمعات المسيحية فى الشرق بدأت تتلاشى تماما، بسبب الهجمات الوحشية التى شنها ضدهم العديد من الجماعات المسلحة، على الرغم من أنه من الصعب للغاية حصر التحولات السكانية التى شهدتها كل من العراق وسوريا خلال السنوات الأخيرة بسبب الفوضى، كما حذرت جمعية «عون الكنيسة المتألمة»، الخيرية الكاثوليكية ومقرها لندن، نوفمبر الماضى، من اختفاء المسيحية فى أجزاء من المنطقة خلال 10 سنوات، وسجلت الجمعية البارزة انحسارا كبيرا لعدد من المسيحيين، خلال العامين الماضيين بسبب ما وصفته بـ«التطهير الدينى» فى العراق وسوريا ونيجيريا ودول أخرى تشهد تمردا إسلاميا، كما حذرت الجمعية، فى التقرير الذى تم عرضه بمجلس اللوردات البريطانى، من أن المسيحيين يمكن أن يختفوا من العراق فى غضون خمس سنوات إذا لم تتوافر مساعدة طارئة على مستوى دولى ونطاق واسع جدا، وقدرت أن عدد المسيحيين فى العراق انخفض إلى نحو 275 ألفا، فيما تراجع عددهم فى سوريا المجاورة من 1,25 مليون عام 2011، إلى نحو 500 ألف حاليا.
العراق وسوريا الأكثر ألماً
طيلة أكثر من عقد، عمد المتطرفون على استهداف المسيحيين وغيرهم من الأقليات فى العراق، بعد الغزو الأمريكى مما تسبب فى فرار مئات الآلاف، وقال الأب بشار وردة، رئيس أساقفة الكلدان الكاثوليك فى أربيل، فى تصريحات صحفية سابقة: «منذ عام 2003، فقدنا قساوسة وكهنة وتم قصف أكثر من 60 كنيسة»، فيما رصدت صحيفة نيويورك تايمز، فى تحقيق موسع، ما تعرض له المسيحيون فى العراق من وحشية على يد تنظيم داعش منذ سيطرته على الموصل فى يونيو 2014، ثم توسعه ليمتد بين شرق سوريا وغرب العراق، مشيرة إلى أن التنظيم الإرهابى يتطلع حاليا إلى القضاء تماما على المسيحيين والأقليات الأخرى فى المنطقة.
وقالت إنه بمجرد دخولهم الموصل، الصيف الماضى، بدأت عناصر داعش فى كتابة حرف «ن» على منازل المسيحيين، لحصرها، ثم استولوا على إمدادات المياه التى تغذى المنازل فى سهل نينوى، والكثيرون ممن تمكنوا من الفرار إلى قرية قرقوش، التى استولى عليها التنظيم فيما بعد، يحملون الكثير من حكايات القتل الجماعية وقطع الرؤوس.
وبحسب روايات الشهود الفارين، فإن عناصر التنظيم قامت بفصل النساء عن الرجال، فيما كان أميرهم يستطلع النساء، وأدرك الأسرى فيما بعد أن عناصر التنظيم كانوا يفصلون الشباب والأصحاء عن كبار السن والضعفاء، ومن بين أولئك الشباب طلال عبدالغنى، الذى اتصل بعائلته قبل أن يتم أخذ هاتفه منه، حيث قال إنه تعرض للجلد بسبب رفضه اعتناق الإسلام، حسب قول شقيقتيه اللتين تمكنتا من الهرب من قرى أخرى.
وبحسب المؤشر السنوى لمنظمة «الأبواب المفتوحة open doors» لعام 2015، الذى يرصد واقع اضطهاد المسيحيين فى 50 دولة حول العالم، فإن السكان المسيحيين يواجهون احتمال التآكل داخل الدول الإسلامية، بما فى ذلك سوريا والعراق، اللتين جاءتا ضمن أكثر 10 بقاع فى العالم خطرا للمسيحيين، وتقول نينا شيا، مديرة مركز الحرية الدينية بمعهد هدسون الأمريكى، إنه ينبغى استخدام تعبير «التطهير الدينى» بدلا من الاضطهاد فى وصف ما يواجهه المسيحيون داخل البلدان الإسلامية. مشيرة إلى أن المسيحيين الفارين من العراق خلال العقد الماضى يقدرون بين ثلث ونصف مسيحيى العراق.
وأظهرت دراسة أصدرها مركز «بيو» البحثى البارز، مارس الماضى، أن مسيحيين يواجهون المضايقات فى 102 دولة حول العالم، وأن خمسة دول من بين 18 دولة داخل الشرق الأوسط، تفرض حكوماتها قيودا كبيرة على الدين، وبالتالى فإن المسيحيين يواجهون وقتا صعبا فى تلك المنطقة.
الدراسة التى نشرت نتائجها شبكة «سى.إن.إن» دفعت الشبكة الإخبارية الأمريكية، للتساؤل عما إذا كان المسيحيون فى الشرق الأوسط مازال لهم مستقبل داخل المنطقة.
وفى تصريحات صحفية سابقة، قال جون اسبوسيتو، مؤسس مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامى المسيحى التابع لجامعة جورج واشنطن، قوله إن المثال البارز على ما يعانيه مسيحيو الشرق الأوسط، هو قائد تنظيم «داعش»، أبوبكر البغدادى، الذى يمثل الدين بالنسبة له وسيلة لتحقيق غايته، وجنى المكافآت، والسيطرة على مزيد من الأراضى، وبالتالى يلجأ للدين كوسيلة لشرعنة ما يفعله من ناحية، ولكسب مزيد من الدعم من ناحية أخرى.
لكن معاناة المسيحيين فى الشرق الأوسط لا تقتصر على المتطرفين الإسلاميين فحسب، فوفقا لـ«سى إن إن»، قالت الشرطة فى مدينة القدس إن المسيحيين يعانون عنف المتطرفين الإسرائيليين أيضا، وأدت كل هذه الفوضى إلى انخفاض كبير فى نسبة المسيحيين داخل المنطقة، ومن المتوقع أن تشهد نسبة وجودهم انخفاضا كبيرا مجددا بحسب ما ذكر الديمجرافيان الدينيان تود جونسون وجينا زورلو.
وفى تحقيق موسع نشرته مجلة «نيوزويك»، ربيع هذا العام، فإن الهجرة المتزايدة للمسيحيين من الشرق الأوسط تأتى بسبب العنف والتمييز الدينى، وكذلك الأوضاع الاقتصادية، وفى العراق أدى اضطهاد المسيحيين بشكل متزايد منذ الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، إلى انخفاض أعداد المسيحيين من 1.4 مليون شخص قبل الغزو، إلى ما يتراوح بين 260 و350 ألف نسمة، ويقل العدد كثيرا حاليا مع فرار الآلاف، حيث انتقل العديد منهم للعيش فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد، إلا أن ميليشيات داعش مازالت تهددهم هناك أيضا.
وتختلف معاناة المسيحيين من دولة إلى أخرى، ففى لبنان، يمثل المسيحيون حوالى %38 من الكثافة السكانية، ويلعبون دورا مهما فى الحياة السياسية هناك، إلا أن هناك العديد منهم غادر البلاد فى حقبة الحرب الأهلية بين عامى 1975 و1990، بينما فى الأردن، لا توجد أعداد كبيرة من المسيحيين، إلا أنهم يتمتعون بقدر كبير من الأمان هناك، وفى إسرائيل، فإنهم يعانون تداعيات الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
أما فى مصر، فيوجد بها حوالى 5 ملايين مسيحى، بحسب المجلة الأمريكية، معظمهم يتبعون الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث إنهم يعانون من التمييز داخل بلادهم، ويتم استهدافهم بصورة كبيرة منذ اندلاع ثورات الربيع العربى فى 2011 التى أسقطت الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث شن الإسلاميون العديد من الهجمات التى استهدفت منازلهم ومحالهم وكنائسهم.
التحدى المهم الذى تواجهه قضية أوضاع المسيحيين فى الشرق الأوسط وإسرائيل يتمثل فى التوتر السياسى بين المسيحيين المحافظين فى الولايات المتحدة المعروفين بدعمهم لإسرائيل وبين مسيحيى الشرق الأوسط، الذين يدينون إسرائيل باعتبارها محتلا للأراضى العربية، بحسب مجلة فورين بوليسى الأمريكية، حيث إن مثل هذا التوتر ربما يكون سببا فى انسحاب بعضهم.
ويقول جون ايبنر، الرئيس التنفيذى لمنظمة التضامن المسيحى، إنه من الصعب على واشنطن علاج قضايا الاضطهاد الدينى ضد الأقليات فى الشرق الأوسط، وخصوصا المسيحيين، لأن مثل هذه القضايا تأتى فى إطار قضايا السياسة الخارجية الحساسة.
هجرة المسيحيين تضر بالمنطقة
السفير الروسى السابق لدى بريطانيا أليكسندر ياكوفينكو، حذر من هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط، لما سيكون له التأثير الأكثر سلبية على بنية تلك المجتمعات.
وفيما تساءل معهد واشنطن، فى تقرير على منتدى فكرة التابع له، هذا الأسبوع، عن اندثار المسيحية فى الشرق الأوسط، فإن كاتب التقرير، حسن منيمنة حذر من أن انهيار الوجود المسيحى الراسخ فى تاريخ المشرق، الذى جاء على أيدى «داعش» وذكر التقرير أن العراق شهد ما يقترب من تلاشى مكونه المسيحى، والذى كان يناهز %10 من مجموع السكان ليصل إلى حضيض بنسب مئوية لا تتجاوز الأعداد المنفردة.
سوريا، التى كانت أعداد المسيحيين فيها تبلغ %10 أيضا، ومؤخرا لجأ السوريون المسيحيون إلى الرحيل، والأعباء التى يواجهها من لم يرحل تزداد ثقلاً.
تصريحات ساركوزى لم يتوقف عندها الكثيرون حيث اعتبرها البعض مجرد رد فعل على ما شهدته اثنتان من أقدم المجتمعات المسيحية فى الشرق الأوسط، لكن يبدو أن الرئيس الفرنسى السابق كان يحمل نبوءة مؤلمة ليس للمسيحيين فى المنطقة كمواطنين أصليين، لكن لتلك البقعة من الأرض التى تميزت بأنها مهد الأديان ومجتمع للتعايش والثقافات الدينية والحضارات المتنوعة، مما جعلها جاذبة لسكان العالم أجمع، فالكثير من الإحصاءات والتقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث الغربية، خلال عام 2015 تتحدث عن تضاؤل أعداد المسيحيين فى الشرق الأوسط وفرارهم من المنطقة لأسباب عديدة، لكن بشكل رئيسى بسبب ما يواجهونه من عنف على يد الجماعات الإرهابية التى تمددت فى أعقاب سقوط الأنظمة العربية الحاكمة، وبحسب تقارير مراكز الأبحاث الأمريكية فإن أعداد مسيحيى المنطقة تراجعت من %20 فى القرن الماضى إلى %5 فى الوقت الراهن، ومازال التراجع مستمرا.
ويؤكد مركز «التقدم الأمريكى» أن أجزاء كبيرة من المجتمعات المسيحية فى الشرق بدأت تتلاشى تماما، بسبب الهجمات الوحشية التى شنها ضدهم العديد من الجماعات المسلحة، على الرغم من أنه من الصعب للغاية حصر التحولات السكانية التى شهدتها كل من العراق وسوريا خلال السنوات الأخيرة بسبب الفوضى، كما حذرت جمعية «عون الكنيسة المتألمة»، الخيرية الكاثوليكية ومقرها لندن، نوفمبر الماضى، من اختفاء المسيحية فى أجزاء من المنطقة خلال 10 سنوات، وسجلت الجمعية البارزة انحسارا كبيرا لعدد من المسيحيين، خلال العامين الماضيين بسبب ما وصفته بـ«التطهير الدينى» فى العراق وسوريا ونيجيريا ودول أخرى تشهد تمردا إسلاميا، كما حذرت الجمعية، فى التقرير الذى تم عرضه بمجلس اللوردات البريطانى، من أن المسيحيين يمكن أن يختفوا من العراق فى غضون خمس سنوات إذا لم تتوافر مساعدة طارئة على مستوى دولى ونطاق واسع جدا، وقدرت أن عدد المسيحيين فى العراق انخفض إلى نحو 275 ألفا، فيما تراجع عددهم فى سوريا المجاورة من 1,25 مليون عام 2011، إلى نحو 500 ألف حاليا.
العراق وسوريا الأكثر ألماً
طيلة أكثر من عقد، عمد المتطرفون على استهداف المسيحيين وغيرهم من الأقليات فى العراق، بعد الغزو الأمريكى مما تسبب فى فرار مئات الآلاف، وقال الأب بشار وردة، رئيس أساقفة الكلدان الكاثوليك فى أربيل، فى تصريحات صحفية سابقة: «منذ عام 2003، فقدنا قساوسة وكهنة وتم قصف أكثر من 60 كنيسة»، فيما رصدت صحيفة نيويورك تايمز، فى تحقيق موسع، ما تعرض له المسيحيون فى العراق من وحشية على يد تنظيم داعش منذ سيطرته على الموصل فى يونيو 2014، ثم توسعه ليمتد بين شرق سوريا وغرب العراق، مشيرة إلى أن التنظيم الإرهابى يتطلع حاليا إلى القضاء تماما على المسيحيين والأقليات الأخرى فى المنطقة.
وقالت إنه بمجرد دخولهم الموصل، الصيف الماضى، بدأت عناصر داعش فى كتابة حرف «ن» على منازل المسيحيين، لحصرها، ثم استولوا على إمدادات المياه التى تغذى المنازل فى سهل نينوى، والكثيرون ممن تمكنوا من الفرار إلى قرية قرقوش، التى استولى عليها التنظيم فيما بعد، يحملون الكثير من حكايات القتل الجماعية وقطع الرؤوس.
وبحسب روايات الشهود الفارين، فإن عناصر التنظيم قامت بفصل النساء عن الرجال، فيما كان أميرهم يستطلع النساء، وأدرك الأسرى فيما بعد أن عناصر التنظيم كانوا يفصلون الشباب والأصحاء عن كبار السن والضعفاء، ومن بين أولئك الشباب طلال عبدالغنى، الذى اتصل بعائلته قبل أن يتم أخذ هاتفه منه، حيث قال إنه تعرض للجلد بسبب رفضه اعتناق الإسلام، حسب قول شقيقتيه اللتين تمكنتا من الهرب من قرى أخرى.
وبحسب المؤشر السنوى لمنظمة «الأبواب المفتوحة open doors» لعام 2015، الذى يرصد واقع اضطهاد المسيحيين فى 50 دولة حول العالم، فإن السكان المسيحيين يواجهون احتمال التآكل داخل الدول الإسلامية، بما فى ذلك سوريا والعراق، اللتين جاءتا ضمن أكثر 10 بقاع فى العالم خطرا للمسيحيين، وتقول نينا شيا، مديرة مركز الحرية الدينية بمعهد هدسون الأمريكى، إنه ينبغى استخدام تعبير «التطهير الدينى» بدلا من الاضطهاد فى وصف ما يواجهه المسيحيون داخل البلدان الإسلامية. مشيرة إلى أن المسيحيين الفارين من العراق خلال العقد الماضى يقدرون بين ثلث ونصف مسيحيى العراق.
وأظهرت دراسة أصدرها مركز «بيو» البحثى البارز، مارس الماضى، أن مسيحيين يواجهون المضايقات فى 102 دولة حول العالم، وأن خمسة دول من بين 18 دولة داخل الشرق الأوسط، تفرض حكوماتها قيودا كبيرة على الدين، وبالتالى فإن المسيحيين يواجهون وقتا صعبا فى تلك المنطقة.
الدراسة التى نشرت نتائجها شبكة «سى.إن.إن» دفعت الشبكة الإخبارية الأمريكية، للتساؤل عما إذا كان المسيحيون فى الشرق الأوسط مازال لهم مستقبل داخل المنطقة.
وفى تصريحات صحفية سابقة، قال جون اسبوسيتو، مؤسس مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامى المسيحى التابع لجامعة جورج واشنطن، قوله إن المثال البارز على ما يعانيه مسيحيو الشرق الأوسط، هو قائد تنظيم «داعش»، أبوبكر البغدادى، الذى يمثل الدين بالنسبة له وسيلة لتحقيق غايته، وجنى المكافآت، والسيطرة على مزيد من الأراضى، وبالتالى يلجأ للدين كوسيلة لشرعنة ما يفعله من ناحية، ولكسب مزيد من الدعم من ناحية أخرى.
لكن معاناة المسيحيين فى الشرق الأوسط لا تقتصر على المتطرفين الإسلاميين فحسب، فوفقا لـ«سى إن إن»، قالت الشرطة فى مدينة القدس إن المسيحيين يعانون عنف المتطرفين الإسرائيليين أيضا، وأدت كل هذه الفوضى إلى انخفاض كبير فى نسبة المسيحيين داخل المنطقة، ومن المتوقع أن تشهد نسبة وجودهم انخفاضا كبيرا مجددا بحسب ما ذكر الديمجرافيان الدينيان تود جونسون وجينا زورلو.
وفى تحقيق موسع نشرته مجلة «نيوزويك»، ربيع هذا العام، فإن الهجرة المتزايدة للمسيحيين من الشرق الأوسط تأتى بسبب العنف والتمييز الدينى، وكذلك الأوضاع الاقتصادية، وفى العراق أدى اضطهاد المسيحيين بشكل متزايد منذ الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، إلى انخفاض أعداد المسيحيين من 1.4 مليون شخص قبل الغزو، إلى ما يتراوح بين 260 و350 ألف نسمة، ويقل العدد كثيرا حاليا مع فرار الآلاف، حيث انتقل العديد منهم للعيش فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد، إلا أن ميليشيات داعش مازالت تهددهم هناك أيضا.
وتختلف معاناة المسيحيين من دولة إلى أخرى، ففى لبنان، يمثل المسيحيون حوالى %38 من الكثافة السكانية، ويلعبون دورا مهما فى الحياة السياسية هناك، إلا أن هناك العديد منهم غادر البلاد فى حقبة الحرب الأهلية بين عامى 1975 و1990، بينما فى الأردن، لا توجد أعداد كبيرة من المسيحيين، إلا أنهم يتمتعون بقدر كبير من الأمان هناك، وفى إسرائيل، فإنهم يعانون تداعيات الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
أما فى مصر، فيوجد بها حوالى 5 ملايين مسيحى، بحسب المجلة الأمريكية، معظمهم يتبعون الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث إنهم يعانون من التمييز داخل بلادهم، ويتم استهدافهم بصورة كبيرة منذ اندلاع ثورات الربيع العربى فى 2011 التى أسقطت الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث شن الإسلاميون العديد من الهجمات التى استهدفت منازلهم ومحالهم وكنائسهم.
التحدى المهم الذى تواجهه قضية أوضاع المسيحيين فى الشرق الأوسط وإسرائيل يتمثل فى التوتر السياسى بين المسيحيين المحافظين فى الولايات المتحدة المعروفين بدعمهم لإسرائيل وبين مسيحيى الشرق الأوسط، الذين يدينون إسرائيل باعتبارها محتلا للأراضى العربية، بحسب مجلة فورين بوليسى الأمريكية، حيث إن مثل هذا التوتر ربما يكون سببا فى انسحاب بعضهم.
ويقول جون ايبنر، الرئيس التنفيذى لمنظمة التضامن المسيحى، إنه من الصعب على واشنطن علاج قضايا الاضطهاد الدينى ضد الأقليات فى الشرق الأوسط، وخصوصا المسيحيين، لأن مثل هذه القضايا تأتى فى إطار قضايا السياسة الخارجية الحساسة.
هجرة المسيحيين تضر بالمنطقة
السفير الروسى السابق لدى بريطانيا أليكسندر ياكوفينكو، حذر من هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط، لما سيكون له التأثير الأكثر سلبية على بنية تلك المجتمعات.
وفيما تساءل معهد واشنطن، فى تقرير على منتدى فكرة التابع له، هذا الأسبوع، عن اندثار المسيحية فى الشرق الأوسط، فإن كاتب التقرير، حسن منيمنة حذر من أن انهيار الوجود المسيحى الراسخ فى تاريخ المشرق، الذى جاء على أيدى «داعش» وذكر التقرير أن العراق شهد ما يقترب من تلاشى مكونه المسيحى، والذى كان يناهز %10 من مجموع السكان ليصل إلى حضيض بنسب مئوية لا تتجاوز الأعداد المنفردة.
سوريا، التى كانت أعداد المسيحيين فيها تبلغ %10 أيضا، ومؤخرا لجأ السوريون المسيحيون إلى الرحيل، والأعباء التى يواجهها من لم يرحل تزداد ثقلاً.