ليس الطبّ وحده قادراً على إنقاذ حياة الإنسان من الموت شاهد ما حدث مفاجاه


ليس الطبّ وحده قادراً على إنقاذ حياة الإنسان من الموت، عندما تكون روحه معلّقة بين السماء والأرض. هذا ما حصل بالفعل مع الشاب جورج ساروخان البالغ من العمر 22 سنة، والذي باركته أنامل مار شربل بعد مرور عشرة أشهر على إصابته بالمرض. في اتصال مع جورج، علمت "النهار" أنه أصيب في بداية عام 2015 وتحديداً في كانون الثاني بنزيف حاد في المعدة، لم يشفَ منه إلاّ بأعجوبة مار شربل في تشرين الاول من عام 2015.   مار شربل والحلم اعتاد جورج المؤمن رؤية مار شربل في منامه، فهو كان يحلم به منذ صغره ولكن دون أن يحصل بينهما شيء، إلاّ أنّ هذه المرّة، اختلفت عن سابقاتها لكونه تحدّث معه. ويشير في هذا السياق إلى أنه كان يصلّي لمار شربل لتحصل الأعجوبة، فلم يرد أن يشفى فقط. "حصلت الأعجوبة بعد 22 يومًا، بعدما كنت عاجزًا عن الأكل والشرب". وهذا ما جاءه في المنام "كنا أنا ومار شربل في مغارة نتمشى، وقال لي لا تخَفْ يا بني أنا معك، وإن كان لديك إيمان كافٍ ستضيء الشمعة". وكان أمامي شمعة صفراء اللون كبيرة موضوعة على مذبح، وقال لي مجدداً "لا تخَف يا بني أنا معك" مردداً إياها للمرة الثالثة". يستذكر جورج أن "آخر يوم، كان يوم السبت، ومن المتوقع أن تتدهور صحّتي أكثر، وأدخل في الكوما في حال خضوعي للعمليّة، ولكن أنقذ مار شربل حياتي". يقول جورج إنه خلال فترة وجوده في المستشفى، كانت صورة مار شربل لديه في الغرفة، و"كنت واعياً لكل ما يحصل من حولي، محاطاً بعائلتي والأقرباء والأصدقاء، إضافة إلى رهبان وراهبات". وهو يضيف أنّ خوريًّا جاءه ليناوله بناءً على طلبه. ويروي لنا أنّ "راهبًا أعرفه قد اتصل بي للاطمئنان علي بينما كنت في المستشفى، لم يكن على علم بذلك ولم يتفاجأ أنني كنت هناك، فاكتفى بالقول أنني سأتحسّن وأنني قدّيس، وأنه ينتظر زيارتي له في الدير". يضيف جورج أنّ "يوم السبت وضعت له والدته في الأدوية ترابًا من قبر مار شربل الذي كنت أنتظر زيارته ليلياً. لم أخَفْ من الموت إلاّ حين صدور قرار الطبيب في ضرورة خضوعي للعملية الثانية، وهي دقيقة وستستغرق 12 ساعة لفتح المصارين، وكذلك خطرة لأنّ جسمي لم يكن قويًّا ليتحمّل عملية ثانية. على الرغم من ذلك، رفضت الخضوع لها قائلاً إنّ مار شربل هو من سيجري لي العملية. الأحد صباحاً، خضعت لصورةٍ لمعرفة إن كان ثمة تحسّن، ولكن لأسباب أجهلها، طلب رئيس الأشعة إعادة إجراءها بعد ساعة، فأعادوها حين كانوا يجهّزون غرفة العمليات. عدت إلى الغرفة بعد انتهاء الصورة دون علمي بالنتائج، كانت الغرفة فارغة، فجأة يدخل والدي وهو يبكي ويصرخ مار شربل مار شربل، هنا علمت أنّ المعجزة قد حصلت، وأنّ المياه عادت لتجري في مصاريني بشكل طبيعي. وقدّم الطبيب تقريراً يؤكد فيه أن ما حصل أعجوبة ولا يمكن الطبّ تفسير ما حصل". لم ينسَ جورج فضل مار شربل عليه، فبعد خروجه مباشرة من المستشفى "توجّهتُ إلى عنّايا للصعود حافي القدمين إلى محبسة مار شربل حيث شعرت بوجوده وبرائحة بخور قوية جداً كوفاء للنذر". مرّت خمسة أشهر على تعافيه وهو اليوم لا يعاني شيئًا. رحلة المرض   دامت رحلة جورج مع المرض أشهرًا عدة عذّب خلالها الألم جسده. تحدّث جورج عن تجربته، قائلاً: "أصبت بنزيف في المعدة، وأجريت فحوصات لمعرفة السبب ولكن من دون جدوى. وعلى الرغم من ذلك لم أستسلم، تابعت إجراء الفحوصات، ليعاودني النزيف مجدداً بعد مرور بضعة أشهر. فتابعت إجراء الفحوصات حتى تبيّن أخيراً بعد مرور عشرين يومًا، أن الجرح ناجم عن جرح في المصارين الدقيقة في معدتي، ومكان الجرح مكان عملية كنت قد خضعت لها وأنا صغير. كان يعتقد الأطباء أنني مصاب بالـ crohn's disease، لأنه السبب الوحيد الذي يؤدي إلى نزيف المعدة، فطلب مني الاطباء بالمباشرة بالعلاج من هذا المرض، ولكنني رفضت". يكمل جورج قائلاً إنه بعد خضوعه للعملية، وضع الأطباء له "وصلة مكان المصران الذي قصّوه أثناء العملية التي تكلّلت بالنجاح"، وقد خرج من المستشفى بعد ثلاث أيام. ولكنني "في اليوم التالي شعرت بالانزعاج، فرحت أتقيّأ كلّ الماء في جسمي بسبب التصاق حاد بالمصران بحسب الأطباء. فدخلت المستشفى من جديد، واعتقد الأطباء أنّ الأمور ستصبح على ما يرام بعد مرور أربعة أو خمسة أيّام، معتقدين أنّ المصران سيفتح من جديد بواسطة الأدوية، ولكن لم يكن هناك أيّ تقدم". ويضيف جورج أنّ الاطباء "وضعوا لي أنبوباً ممدودًا من أنفي إلى مصاريني، لأنني كنت أتقيّأ كلّ مياه الجسم التي رفضتها معدتي، ووضعوا لي مصلاً في الشريان الأساسي في رقبتي لإمدادي بالفيتامينات".   الحالة الطبّية وفي السياق نفسه، أجرينا اتصالاً مع الطبيب الذي عاين جورج وهو الدكتور أنطوان جعجع الاختصاصي في أمراض المعدة الذي قال لـ "النهار" : "كنت أتابع حالة جورج الطبّية الذي كان يعاني نزيفاً حاداً في قلب المصران بعدما خضع في صغره لعملية للمصران الرفيع. كان يحتاج جورج لكمية كبيرة من الدم، فأجرينا صورة لتحديد مكان النزيف، لنقرّر أخيراً خضوعه لعملية جراحية". يوضح جعجع أنه عادة بعد الجراحة "يحتاج المصران بين خمسة و7 أيام ليعود إلى طبيعته من جديد. ولكن مصران جورج لم يفعل حتى بعد 21 يومًا. وأعطيناه كلّ أنواع الأدوية من أدوية التهابات، وكورتيزون وغيرها من الأنواع ولكن دون جدوى. أخيراً، تمّ الاتفاق مع عدد من الجرّاحين على إجراء عملية لفتح المصران. قبل دخوله العملية، شرب جورج ماءً مع تراب من قبر مار شربل، وكانت المفاجأة: قبل ثلاث أو أربع دقائق من دخوله العملية، فُتح مصرانه، وقد تأكدنا من ذلك عبر إجراء صورة ولم يكن لدينا أيّ تفسير طبّي لما حصل. طبياً لا يمكن المصران أن يُفتح، خصوصاً بعد تجربة كلّ شيء وفشل المحاولات، برأيي أن قدرة إلهية فتحت مصران جورج". أمّا عن الخطورة الصحّية التي كان جورج معرّضاً لها، فأجاب جعجع "أنّ جورج كان عرضة للـ Dénutrition إذ كان يخسر بروتينات جسمه. والخضوع لعمليتين جراحيتين في بطن شاب عمره 22 سنة ليس آمِنًا. كان وضعه صعبًا، فمصرانه كان مسكرًا ولم يكن بإمكاننا فتحه إلا بعملية. وكتبت في تقريري أن هناك قدرة غير طبيعية أدّت إلى فتح المصران". ويختم جعجع قائلاً إنّ الأطباء " أداة يستخدمها الله لإنقاذ الناس".   تسجيل الأعجوبة   الأب لويس مطر مدوّن العجائب في دير مار مارون - عنّايا قال لـ "النهار": "نحن نأخذ التقرير الطبّي لتسجيل الأعجوبة، وقد وصل جورج وبحوزته التقرير الطبي، حيث كتب الطبيب أنّ القضية قد تمت بطريقة عجائبية لا تُشرح ولا تُفسّر طبياً وعلمياً وتمّ الشفاء منها. على هذا الأساس تمّ تسجيل الأعجوبة". يكفي بالتالي تقرير طبي لإثبات حصول الأمر. وأضاف "نحن لا نراجع الطبيب إلا في الحالات النادرة ولكن حالة جورج واضحة". ثمّة أشياء في الحياة لا يمكن تفسيرها، كالنجاة من مصيبة ما، الاستفاقة من الغيبوبة أو الشفاء من مرض مستعص. كلّ ذلك يحصل من طريق الإيمان وبالعناية الإلهية للتغلب على أصعب الحالات الحرجة في الحياة وحصول المعجزات. والإيمان داء لكلّ داء، هو ليس تعصّبًا لدين أو لطائفة ما، إنما عودة والتجاء إلى الله، وهو وسيلة تهب السعادة وراحة البال والصحة. فليس هناك شيء مستحيل في الحياة، فتسلَّح بالإيمان والتفاؤل والأمل